«المصري اليوم» ترصد ساعات المواجهات الدامية أمام ماسبيرو

«المصري اليوم» ترصد ساعات المواجهات الدامية أمام ماسبيرو


١١/ ١٠/ ٢٠١١

تصوير- عمرو عبدالله

النيران تشتعل فى عدد من السيارات والمدرعات أمام مبنى ماسبيرو أمس الأول

عاشت
القاهرة ليلة دامية، مساء أمس الأول، بدأت أمام مبنى اتحاد الإذاعة
والتليفزيون، أسفرت عن سقوط ٢٥ قتيلاً و٣٢٩ مصاباً ما بين عسكرى ومدنى -
بحسب البيان الرسمى لوزارة الصحة - ما دفع المجلس الأعلى للقوات المسلحة
إلى فرض حظر التجوال من الثانية إلى السابعة صباحاً، فى المناطق التى شهدت
الأحداث فى وسط العاصمة، فى محاولة لتهدئة الأوضاع والسيطرة على الموقف.
ورصدت
«المصرى اليوم» ساعات الرعب فى قلب القاهرة والأحداث الدامية التى أعقبت
المسيرة التى شارك فيها آلاف الأقباط من منطقة دوران شبرا إلى ماسبيرو، وهم
يرتدون ملابس بيضاء كتب بعضهم عليها أسماء بعض ضحايا الأحداث التى تسمى
«عنفاً طائفياً»، وحملت المسيرة عنوان «يوم الغضب القبطى»، وتخللتها هتافات
صاخبة على أنغام الطبول ضد اللواء مصطفى السيد، محافظ أسوان، ومدير الأمن،
ورفع المتظاهرون فيها لافتات تطالب بمعاقبة الجناة، وتحقيق العدالة
والمساواة، وعزل المحافظ.
وبعد وصول المسيرة إلى نفق أحمد حلمى، رشق
بعض أهالى منطقة السبتية المتظاهرين بالطوب من أعلى النفق، وأطلق أحدهم
أعيرة خرطوش فى الهواء، فرد عشرات الشباب الأقباط على الأهالى وقذفوهم
بالطوب والحجارة، وتولى بعضهم تأمين جانبى المسيرة حتى وصلت إلى شارع
الجلاء، وانحرفت إلى اليمين باتجاه ميدان التحرير، وعند وصولها إلى مبنى
مؤسسة «الأهرام»، هتف المتظاهرون «الإعلام الكاذب أهه»، وحاول بعض الشباب
الاشتباك مع أمن المبنى،
إلا أن القساوسة وأعضاء اتحاد شباب ماسبيرو
منعوهم، وطالب بعض الشباب أهالى بولاق أبوالعلا، بعدم التعرض للمسيرة حتى
لا تحدث اى اشتباكات، لكن بمجرد اقترابهم من مبنى ماسبيرو تصاعدت الأحداث
عندما هجم متظاهران على سيارتين تابعتين للقوات المسلحة وأشعلا فيهما
النيران، وتطورت الأحداث سريعاً عندما وقعت اشتباكات بين المتظاهرين وأفراد
الشرطة العسكرية، أسفرت عن وقوع عدد من الإصابات، وقابل أفراد الشرطة
العسكرية رشق الأقباط لهم بالحجارة بإطلاق عدد من الأعيرة النارية فى
الهواء دون جدوى، الأمر الذى أدى إلى تدخل قوىّ للقوات المسلحة للسيطرة على
الموقف.
وخرجت فى هذه الأثناء مدرعتان من أمام مبنى التليفزيون
باتجاه كوبرى أكتوبر لتفريق المتظاهرين الذين تجمعوا عليه وقطعوا الطريق،
وخلال سيرهما بسرعة شديدة دهستا العديد من المتظاهرين، فوقع بعضهم ضحايا ما
بين قتيل وجريح، واشتبك عدد من أهالى المنطقة مع المدرعتين اللتين حاولتا
تفريق المتظاهرين، وهاجموا الجنود الذين استخدموا العصى لتفريقهم، واحتمت
السيدات والفتيات بالعمارات المجاورة، فيما نقل عدد من الأهالى بعض الجثث
إلى مدخل العمارة التى يقع بها مقر قناة «٢٥ يناير» الفضائية على كورنيش
النيل.
كانت هناك مجموعات من قوات الأمن المركزى تتمركز أمام فندق
«رمسيس هيلتون»، فطالبهم المتظاهرون بعدم الضرب، وإلا سيردون عليهم،
فاستجاب جنود الأمن المركزى ولم يتدخلوا، واستمرت حالة الكر والفر لفترة
طويلة، وأثناء اختراق إحدى المدرعات صفوف المتظاهرين فى محاولة لتفريقهم،
استطاعوا احتجاز إحداها، وأضرموا النيران فيها وبداخلها جنديان من القوات
المسلحة،
وعندما حاولا الخروج قذفهما المحتجون بالطوب والحجارة،
وكانت المدرعة على وشك الاشتعال بالكامل عندما أقنع بعض المتظاهرين زملاءهم
بإخراج الجنديين، لكنهم فشلوا فى منعهم من الاعتداء عليهما، ولم تفلح
محاولة أحد القساوسة منع الاعتداء وتوفى أحدهما متأثراً بالضرب المبرح،
بينما استطاع زميله الهرب.
وقالت مصادر عسكرية إن هناك مجندين تم
ذبحهما أثناء وجودهما فى المدرعات عن طريق متظاهرين، و٣ مجندين قتلوا نتيجة
طلقات نارية، فيما أصيب عدد من الجنود والضباط بطلقات نارية أيضاً، موضحة
أن الإصابات تتركز فى كسور بالقدم، وقطع فى الوجه واليدين والجزء العلوى من
الجسم، نتيجة أسلحة بيضاء، وأضافت المصادر أن المتظاهرين كانت بحوزتهم
أسلحة خرطوش وبيضاء، وزجاجات مولوتوف.
واحتشد المئات من أفراد القوات
المسلحة والشرطة أمام ماسبيرو لحماية المبنى، وتم إبعاد المتظاهرين عنه،
وفرضت القوات كردونات أمنية فى مداخل ومخارج الطرق المؤدية إلى التليفزيون،
ووضع متاريس وسيارات مدرعة لإغلاق كوبريى ١٥ مايو و٦ أكتوبر، لمنع
المتظاهرين الذين أحاطوا المبنى ويحملون الأسلحة البيضاء والمسدسات
والبنادق والشوم من الوصول إليه، وأيضاً منع وصول أهالى بولاق أبوالعلا من
الدخول، خوفا من وقوع اشتباكات بين الجانبين.
ووقعت مواجهات فوق
كوبرى ٦ أكتوبر، بين قوات الأمن والمتظاهرين، فبينما استخدمت الشرطة
القنابل المسيلة للدموع، كانت الحجارة هى سلاح المتظاهرين، وأيضاً ألقت
قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع على المتظاهرين بميدان عبدالمنعم رياض،
لمنعهم من الوصول إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون.
وتوجه العشرات من
الشباب المسلمين والمسيحيين إلى ميدان التحرير، ورددوا عدة هتافات، منها:
«يسقط يسقط حكم العسكر»، منددين بتعامل الأمن معهم بعنف، رغم أنهم يحاولون
الوصول إلى ماسبيرو لمعرفة الحقيقة.
وتمكنت قوات الأمن من السيطرة
على الوضع داخل ميدان التحرير، وتم إلقاء القبض على العشرات، وبعد ذلك بدأت
قوات الأمن تكثيف تواجدها بمنطقة ماسبيرو، والدفع بالمئات من جنود الأمن
المركزى والمدرعات إلى موقع الاشتباكات، وطارد عدد من أهالى منطقة ماسبيرو
المتظاهرين بالشوم والأحزمة، بعد أن حاولوا اقتحام مبنى الإذاعة
والتليفزيون.
وخرجت مسيرة من التحرير تتبع الأقباط المتواجدين
بالمنطقة لتفريقهم، وقذف عدد كبير من المتظاهرين نقابة الصحفيين بالحجارة،
وتم الاعتداء على أمن مبنى النقابة، بعد أن ترددت أنباء تفيد باختباء عدد
من الأقباط بداخلها، مما تسبب فى إصابة العشرات بكدمات وجروح سطحية.
وبعد
منتصف ليل أمس الأول، دفعت وزارة الداخلية بقوات إضافية إلى المنطقة، كما
دفعت الشرطة العسكرية بقوات أخرى فى منطقة وسط القاهرة، وصلت إلى أكثر من
٢٠٠ مدرعة و١٠٠ سيارة شرطة عسكرية تقل ما يقرب من ٥ آلاف جندى، فيما دفعت
قوات الأمن المركزى بنحو١٠ آلاف جندى و٢٠٠ مدرعة وسيارة، ونشرت قوات الجيش
أكثر من ٣٠ مدرعة بطول شارع رمسيس وحتى ميدان غمرة، وقام بعض العقلاء من
الطرفين بحماية المستشفى القبطى الذى كان يستقبل بعض المصابين فى أحداث
الاشتباكات مع قوات الأمن.
وبمجرد عودة الهدوء إلى ماسبيرو والمناطق
المجاورة لمبنى الإذاعة والتليفزيون وميدان التحرير، فرضت أجهزة الأمن
والشرطة العسكرية حظر التجوال من الثانية وحتى السابعة صباحا، بعد أن تمكنت
قوات الجيش والشرطة من فرض سيطرتها على المنطقة.
ورفعت إدارة مرور
القاهرة الحواجز الأمنية وهياكل السيارات المحترقة وأزالت العديد من
التلفيات، إلا أن المعركة انتقلت إلى شارع رمسيس الذى شهد اشتباكات عنيفة
بين أقباط ومسلمين، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات، حيث قام خلالها
مجهولون بإشعال النيران فى إحدى العمارات التى تبعد بضعة أمتار عن ميدان
رمسيس، وإشعال أكثر من ٧ سيارات ملاكى وأتوبيس نقل عام، وتمكنت قوات الدفاع
المدنى من السيطرة عليها.