بروا الاباء والاجداد يبركم الابناء والاحفاد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وسلم
اخى فى الله
زائر

الحمد لله وبعد
نقدم لك
بروا الاباء والاجداد يبركم الابناء والاحفاد
الشيخوخة مرحلة عمرية متأخرة في حياة الإنسان.. اقتضت سنة الله أن يبدأ الإنسان جنينا ثم طفلا ثم صبيا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا.. وفي الشيخوخة تتناقص القوى وتتقارب الخطا وتتسارع الأنفاس ويقلّ الاختلاط بالناس ويميل المسن للوحدة والجلوس طويلا مع نفسه يسترجع الذكريات ويطلق الآهات ويستبد به الحنين إلى الماضي وما حفل به من صداقات وممارسات.
أكثر ما يستوقفه مرحلة الطفولة فيجد نفسه مشدودا إليها كثيرا يتذكر مجايليه بأسمائهم وقد يغيب عنه البعض بينما البعض الآخر حفرت أسماؤهم في الذاكرة حفرا فتظل دوما حاضرة وغير قابلة للنسيان..
والغلبة دائما لزملاء الدراسة في كل مراحلها، يشغلون المساحة الأكبر في الذاكرة لهم حنين متواصل ولهم حب أكيد يزداد قوة مع مرور الأعوام.
تستعيد الذاكرة الماضي بحلوه ومرّه، يقف الشيخ متأملا أحيانا، متحسرا على الأيام الحلوة، متمنيا لو عادت ثانية، ونادما أحيانا أخرى على ما كان من سلبيات.
سقيا للأيام الخوالي التي مضت كالثواني، عشناها أحبابا، أطفالا وشبابا، ثم فرقتنا ظروف الحياة وتباعدت بيننا المسافات.. وقلت الزيارات. ما أحوج المسنين للزملاء والأصدقاء يلتقون في المساء فيطيب اللقاء يتبادلون فيه التحايا والهدايا يستعرضون شريط الماضي بكل ما حفل به.. ومع إيمانهم أن الماضي لن يعود ولكنه الحنين ليس إلا ففيه سلوى للنفس وزاد يعطيها مددا وأملا وحافزا للبقاء في سعادة وهناء.
المسنون شريحة واسعة في المجتمع، خدموا بلادهم بتفان وإخلاص واستثمروا شبابهم للبناء والإعمار وسط ظروف كانت صعبة لكن حبهم للوطن مكّنهم من تحدي الصعاب وتجاوز العقبات فواصلوا الليل بالنهار عملا وجدّا بلا كلل ولا ملل.. فكان هذا الرخاء الذي يعيشه الأحفاد والأبناء، وكانت هذه النهضة الشاملة التي نباهي بها ونفخر، وبوأتنا مكانة متقدمة وموقعا مميزا بين الأمم، ما كانت الأمة لتبلغه لولا جهود المسنين وتضحياتهم.. وهذا دين في رقاب الأبناء والأحفاد تجاه الآباء والأجداد يستدعى أن يقابلوا بكل آيات الاحترام والتقدير.. يستشارون ويستأنس بآرائهم فهم الأكثر خبرة والأوسع تجربة عركتهم الحياة وصقلتهم التجارب وحنّكتهم الأيام.. ولهم من الحكمة وسداد الرأي وبعد النظر ما يجعل منهم ثروة نعتز بها وكنزا ندخره لوقت الحاجة.
هؤلاء المسنون كانوا المعلمين والأطباء والمهندسين والساسة والمخترعين والقادة لكنها سنة الحياة ترجّلوا عن جيادهم وتركوا الساحة لأبنائهم وأحفادهم ليكملوا المشوار على هدي تجاربهم ويواصلوا المسيرة على نفس دروبهم.
حق المسنين على الدولة أن توفر لهم كل أسباب العيش الكريم، وتمدهم بكل أنواع العون وتهيئ لهم الحياة الهانئة السعيدة اعترافا بفضلهم وتقديرا لجهودهم.
أما الأبناء والأحفاد فينبغي أن تكون مسؤوليتهم مضاعفة فيكرموا الآباء والأجداد والأمهات والجدات ويحسنوا إليهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وهذا واجب شرعي قبل أن يكون عطفا ومنّة.. لابد أولا من معاملتهم معاملة حسنة تشعرهم بالرضا والطمأنينة وأنهم لم يصبحوا عبئا ينوء به الكاهل ويتبرم منه الجاهل.
ويجب أن تذلل لهم الصعاب وتسهّل لهم كل الاحتياجات عن رضا وطيب خاطر.. وهذا كله قليل قياسا لما أعطوا وجادوا عبر سنين طويلة. ومهما قدمنا لهم فلن نردّ لهم الجميل ولن يكون تكريمنا لهم إلا جزءا يسيرا قياسا لكرمهم اللا محدود.
علينا أن نشعرهم بأن كل ما نقوم به في خدمتهم شرف نسعد به وواجب أي واجب نعتز بالقيام به.
ومع هذا فإن فئة من الأبناء تقابل الوالدين بعقوق وتتنكر لما لهم من حقوق، فتسيء المعاملة بل ربما وصل البعض منهم إلى حد الإهانة والسب والشتم وما درى هؤلاء أن هذا أمر محرّم ومشين ولا يقره عقل ولا دين ويأنف منه كل عاقل يرى أن بر الوالدين واجب مقدس لا يتهرب منه الأبناء تحت أي ذريعة أو لأي سبب.
إن قصص المسنين المودعين في دور الرعاية الاجتماعية تدمي القلب وتملأ النفوس حسرات ومع كل ما آلت إليه أحوالهم إلا أن قلوبهم الرحيمة وألسنتهم تظل تلهج بالدعاء بكل خير للأبناء رغم كل الإساءات.
ما ارحم الوالدين بالأبناء.. وما أرق قلبيهما! وما أقسى قلوب بعض الأبناء!!
نسمع ونرى حكايات ومشاهد لا تكاد تصدّق وكلها تدور حول الإساءة للوالدين ومعاملتهما بكل ظلم ونكران للجميل يأنف منه حتى الحيوان فكيف بالإنسان العاقل؟
يذهب البعض إلى حد إيداع الأب أو الأم دار العجزة ليتركهما لمصيرهما دون أن يكلف نفسه حتى بالزيارة أو السؤال، وربما وصل الأمر بالبعض ألا يكترث لموتهما أو يشارك في الدفن وكل ما يهمه هو الميراث؟!
أيّ أبناء هؤلاء؟! ألا يتقون الله في الوالدين اللذين أمر الله بالإحسان إليهما وبرهما ونهى حتى عن مجرد قول أف لهما,, (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا،، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما.. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا).
رضا الوالدين من رضا الله.. اللهم ارض عنا وعن والدينا واغفر لهما وآتهما في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقهما عذاب النار.

» الاباء سبب في كذب ابناءهم