[ افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   9Lp50737
[ افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   9Lp50737
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةأحدث الصورمراسلة الادارهمركز رفعالتسجيلدخولتسجيل دخول

 

  افتراضي تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
امانى
.
.
امانى


 افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   KT5Wy
الجنس : انثى
الوطن :  افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   Kuwit10
مدينتى : الكويت
الهواية الهواية :  افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   Unknow11
 افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   Hh7.net_13057664523
المهنة :  افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   Collec10
المزاج المزاج :  افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   Pi-ca-19
احترام قوانين المنتدى :  افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   111010
عدد المساهمات عدد المساهمات : 233
عدد النقاط عدد النقاط : 684

 افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   Empty
مُساهمةموضوع: افتراضي تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...     افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   I_icon_minitime29th سبتمبر 2011, 10:58 pm

تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...
عبد الرحمن بن محمد الهرفي

السفر: مفارقة الوطن، ويكون لأغراض كثيرة؛ دينية ودنيوية.
وحكمه: حكم الغرض الذي أنشئ من أجله:
فإن أنشئ لعبادة كان
عبادة، كسفر الحج والجهاد، وإن أنشئ لشيء مباح كان مباحاً، كالسفر للتجارة
المباحة، وإن أُنشئ لعمل محرّم كان حراماً كالسفر للمعصية والفساد في
الأرض، وهل له أن يترخص برخص السفر أم لا؟ خلاف، والمذهب أنه لا يترخص.
وينبغي لمن سافر للحج أو غيره من العبادات أن يعتني بما يلي:
1. إخلاص النية لله - عز
وجل -، بأن ينوي التقرب إلى الله - عز وجل - في جميع أحواله لتكون أقواله
وأفعاله ونفقاته مقربة له إلى الله - سبحانه وتعالى -، تزيد في حسناته،
وتكفِّر سيئاته، وترفع درجاته.
قال النبي - صلى الله
عليه وسلم - لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: ((إنك لن تُنفق نفقة
تبتغي بها وجه الله إلا أُجرت عليها حتى ما تجعله في فِي امرأتك))، (متفق
عليه).
2. أن يحرص على القيام
بما أوجب الله عليه من الطاعات واجتناب المحرمات، فيحرص على إقامة الصلاة
جماعةً في أوقاتها، وأما صلاة التطوع، فيتطوع المسافر بما يتطوع به
المقيم، فيصلي صلاة الضحى وقيام الليل والوتر وغيرها من النوافل سوى راتبة
الظهر والمغرب والعشاء فالسنة أن لا يُصليها.
3. النصيحة لرفقائه وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ودعوتهم إلى الله - عز وجل - بالحكمة والموعظة الحسنة.
4. يحرص كذلك على اجتناب
المحرمات القولية والفعلية، فيجتنب الكذب والغيبة والنميمة والغش والغدر،
وغير ذلك من معاصي الله - عز وجل -، خاصة مع كثرة الحجاج والاختلاط بهم
مما قد يثير الكثيرين.
5. أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة من الكرم بالبدن والعلم والمال، فيُعين من يحتاج إلى العون والمساعدة.
6. ينبغي أن يكون في ذلك كله طَلْقَ الوجه، طيب النفس، رضي البال، حريصاً على إدخال السرور على رفقته ليكون أليفا مألوفا.
7. ينبغي أن يصبر على ما يحصل من جفاء رفقته ومخالفتهم لرأيه، ويداريهم بالتي هي أحسن؛ ليكون محترماً بينهم، مُعظَّماً في نفوسهم.
8. أن يقول عند سفره وفي
سفره ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمن ذلك: إذا وضع رجله في
مركوبه فليقل: بسم الله، فإذا ركب واستقر عليه فليذكر نعمة الله عليه
بتيسير هذا المركوب له، ثم ليقل: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
(سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ *
وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ) اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا
البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو عنا
بُعدَه، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ
بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل)).
9. ينبغي أن يُكبر كلما صعد مكاناً عُلواً، ويُسبح إذا هبط مكاناً منخفضا.
وإذا نزل منزلا فليقل: ((أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)) فمن نزل منزلاً ثم قالها لم يضرَّه شيء حتى يرتحل من منزله ذلك.
تعريف الحج:
قال الراغب الأصفهاني: أصل الحج القصد للزيارة، قال للمخبل السعدي:
وأشهد من عون حلولا كثيرة *** يحجون بيت الزبرقان المعصفرا
خص في تعارف الشرع بقصد
بيت الله - تعالى - إقامة للنسك، فقيل: الحَج والحِج، فالحج مصدر، والحج
اسم، ويوم الحج الأكبر يوم النحر، ويوم عرفة، وروي: "العمرة الحج الأصغر"،
هذا مروي عن ابن عباس، وأخرجه عنه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم قال:
العمرة الحجة الصغرى.
وأخرج الشافعي في الأم عن عبد الله بن أبي بكر أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله لعمرو بن حزم: ((إن العمرة هي الحج الأصغر)) (1).
وقال شيخ الإسلام: الحج
معناه في أصل اللغة قصد الشيء وإتيانه ومنه سمي الطريق محجة؛ لأنه موضع
الذهاب والمجيء، ومنه الحجة والحاجة. وقال بعض أهل اللغة هو القصد إلى من
يعظم.
قال الشيخ: ثم غلب في
الاستعمال الشرعي والعرفي على حج بيت الله فلا يفهم على الإطلاق إلا هذا
النوع الخاص من القصد.(2) قال ابن حجر: الحج في الشرع: القصد إلى البيت
الحرام بأعمال مخصوصة. (3).
حكم الحج:
فرض قوله - تعالى -:
(وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ
سَبِيلاً) وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل الطويل: ((والحج لمن
استطاع إليه سبيلا..)).
ونقل ابن المنذر الإجماع عليه إلا أن ينذر نذراً فيجب عليه الوفاء.
في مسلم عن أبي هريرة:
"خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا أيها الناس، قد فرض
الله عليكم الحج فحجوا)). فقال رجل: أكلَّ عامٍ يا رسول الله؟ فسكت حتى
قالها ثلاثاً، فقال: ((لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم)). دل على أنه فرض
وأن الأمر لا يفيد التكرار، وأن النبي – صلى الله عليه وسلم - له أن يجتهد
وكلامه شرع، وأن الأصل في أمره الوجوب والكلام مع الخطيب لمصلحة يجوز.
حكم تاركه:
ذكر ابن رجب في شرح
الأربعين: ذهب طائفة من العلماء إلى أن من ترك شيئاً من أركان الإسلام
عمداً أنه كافر. روي عن ابن جبير ونافع والحكم ورواية عن أحمد اختارها بعض
أصحابه وهو قول ابن حبيب من المالكية.
روى الترمذي من طريق
الحارث عن علي مرفوعاً: ((من مَلَك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم
يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً)).
قال أبو عيسى: غريب لا
نعرفه إلا من هذا الوجه وفي إسناده مقال، وهلال بن عبد الله مجهول والحارث
يضعف وله طرق ضعيفة؛ لكن جاء عند البيهقي وسعيد بن منصور عن عمر: "لقد
هممت أن أبعث رجالاً" وإذا جمعت هذا إلى ما قبله علمت أن له أصلاً، ومحمله
على من استحل الترك، وتبين بذلك خطأ من ادعى أنه موضوع. قال ابن كثير
(2/84): (ومن كفر) عن ابن عباس ومجاهد: من جحد فريضة الحج. أما قول عمر
فعند الإسماعيلي عنه بسند صحيح.
فرضه:
الأظهر أنه فرض سنة 9هـ،
وهو رواية عن أحمد، قال الحافظ ابن حجر: ولم يحج النبي إلا حجة واحدة أما
ما جاء عنه أنه حج حجتين بعد الهجرة فكلها منكرة جزم بنكارتها أحمد
والبخاري والترمذي.
هل هو على الفور أم على التراخي؟
اختلفوا على قولين:
1. على الفور ومن قدر بماله وبدنه ولم يحج فهو آثم، وهذا مذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد وهو قول أهل الظاهر.
2. على التراخي وهو مذهب
الشافعي ومذهب محمد بن الحسن؛ لأن الحج فرض سنة 6هـ والنبي - عليه الصلاة
والسلام - تأخر إلى عام 10هـ. واستدل الجمهور بالعمومات والأصل في الأمر
أنه على الفور ما لم يصرفه صارف وأن فرض الحج كان سنة 9هـ أو 10هـ، وعلى
فرض أنه سنة 6هـ لم يتأخر النبي –صلى الله عليه وسلم - إلا لأجل أن يتمحض
الحج للمسلمين. واستدلوا بأحاديث الحث على التعجل للحج منها: ((من أراد
الحج فليتعجل)) رواه أحمد وأبو داود والبيهقي.
ومن الأعذار في عدم
المبادرة به؛ لأن مكة لم تفتح يومئذ، أو حتى يستدير الزمان كهيئته،
والأوامر الشرعية والفرائض على الفور إلا قضاء رمضان فإنه موسع، ولأن
المبادرة أبرأ للذمة، ورجح أنه على الفور شيخ الإسلام وابن القيم.
وقوله: ((من أراد الحج فليتعجل)) ليست الإرادة هنا على التخيير مثل: من أراد الصلاة فليتوضأ، مثل: (لمن شاء منكم أن يستقيم).
ومما يدل على الوجوب على الفورية أنه لو مات لأثم وقضي عنه فدل على أنه يبادر به لئلا يأثم.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: أظهر القولين عندي وأليقهما بعظمة خالق السموات والأرض هو وجوب الحج على الفور.
في شروط الحج:
الشرط الأول: أن
يكون مسلماً، بمعنى أن الكافر لا يجب عليه الحج قبل الإسلام، وإنما نأمره
بالإسلام أولاً، ثم بعد ذلك نأمره بفرائض الإسلام؛ لأن الشرائع لا تُقبل
إلا بالإسلام.
الشرط الثاني:
العقل، فالمجنون لا يجب عليه الحج، ولا يصح منه؛ لأن الحج لا بد فيه من
نية وقصد، ولا يمكن وجود ذلك من المجنون، قال الشيخ محمد بن إبراهيم: الذي
ولد مجنوناً؛ وعاش هكذا حتى مات لا يجب على وليه إقامة من يحج عنه لقوله -
صلى الله عليه وسلم -: ((رفع القلم عن ثلاث...))
الشرط الثالث: البلوغ، ويحصل البلوغ في الذكور بواحد من أمور ثلاثة:
1 - الإنزال، أي إنزال
المني لقوله - تعالى -: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ
فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، وقول
النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((غُسل الجمعة واجب على كل محتلم)) (متفق
عليه).
2 - نباتُ شعر العانة،
وهو الشعر الخشن يَنبت حول القُبل لقول عطية القرظي - رضي الله عنه -:
"عُرضنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قُريظة، فمن كان محتلماً أو
أَنبتَ عانته قُتِل ومَنْ لا تُرِك".
3 - تمام خمس عشرة سنة،
لقول عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: عُرضت على النبي - صلى الله
عليه وسلم - يوم أُحد وأنا ابن أربعَ عشرة سنةٌ فلم يُجزني، زاد البيهقي
وابن حبان: ولم يَرَني بلغتُ، وعُرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة
سنة فأجازني. وفي رواية للبيهقي وابن حبان: ورآني بلغت.
قال نافع: فَقدِمتُ على
عمر بن عبد العزيز -وهو خليفة- فحدّثته الحديث، فقال: "إن هذا الحد بين
الصغير والكبير"، وكتب لعماله أن يفرضوا - يعني من العطاء - لمن بلغ خمس
عشرة سنة». رواه البخاري.
4 - ويحصل البلوغ في الإناث بما يحصل به البلوغ في الذكور، وزيادة أمر رابع، وهو الحيضُ، فمتى حاضت فقد بلغت وإن لم تبلغ عشر سنين.
فلا يجب الحج على من دون
البلوغ لصغر سنه، وعدم تحمُّله أعباء الواجب غالباً، ولقول النبي - صلى
الله عليه وسلم -: ((رُفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن
الصغير حتى يَكبُر، وعن المجنون حتى يفيق)). (رواه أحمد وأبو داود
والنسائي وصححه الحاكم). لكن يصح الحج من الصغير الذي لم يبلغ لحديث ابن
عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي رَكباً
بالروحاء - اسم موضع - فقال: ((من القوم؟)) قالوا: المسلمون. فقالوا: من
أنت؟ قال: ((رسول الله))، فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال:
((نعم، ولكِ أجر)) (رواه مسلم). والأجر ثابت للصغير لذا لم يذكره النبي -
صلى الله عليه وسلم - وذكر للولي الأجر.
وإذا أثبت النبي - صلى
الله عليه وسلم - للصبي حجاً ثبت جميع مقتضيات هذا الحج، فليُجنَّب جميع
ما يجتنبه المُحرم الكبير من محظورات الإحرام، إلا أن عمدَه خطأٌ، فإذا
فعل شيئاً من محظورات الإحرام فلا فدية عليه ولا على وليِّه.
الشرط الرابع: الحرية، فلا يجب الحج على مملوك لعدم استطاعته.
الشرط الخامس:
الاستطاعة بالمال والبدن، بأن يكونَ عنده مال يتمكن به من الحج ذهاباً
وإياباً ونفقة، ويكون هذا المال فاضلاً عن قضاء الديون والنفقات الواجبة
عليه، وفاضلاً عن الحوائج التي يحتاجها من المطعم والمشرب والملبس والمنكح
والمسكن ومتعلقاته وما يحتاج إليه من مركوب وكُتبِ علمٍ وغيرها، لقوله -
تعالى -: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ
الْعَالَمِينَ).
ومن الاستطاعة أن يكون للمرأة مَحْرَمٌ، فلا يجب أداء الحج على من لا محرم لها؛ لامتناع السفر عليها شرعاً.
فإن لم يكن الإنسان
مستطيعاً بماله فلا حج عليه، وإن كان مستطيعاً بماله عاجزاً ببدنه؛ نظرنا،
فإن كان عجزاً يُرجى زواله كمرض يُرجى أن يزول، انتظر حتى يزول، ثم يُؤدي
الحج بنفسه.
وإن كان عجزا لا يُرجى
زواله، كالكِبَر والمرض المُزمن الذي لا يُرجى برؤه، فإنه يُنيب عنه من
يقوم بأداء الفريضة عنه لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن امرأة من
خثعم قالت: "يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضةُ الله في الحج شيخاً
كبيراً لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره"، قال: ((حجي عنه)) (رواه
الجماعة). فإن شفي بعد ذلك فلا يلزمه حج آخر وهو اختيار الشنقيطي، وقال
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: قوله - تعالى -: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ
خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) (البقرة: 197) دليل ظاهر على حرمة خروج
الإنسان حاجاً بلا زاد ليسأل الناس، فقيراً كان أو غنياً. قال الموفق ابن
قدامة: متى أحج المريض عن نفسه، ثم عوفي، لم يجب عليه حج آخر؛ لأنه أتى
بما أمر به فخرج من العهدة.
فهذه شروط الحج التي لا بد من توافرها لوجوبه.
في المواقيت وأنواع الأنساك:
المواقيت نوعان: زمانية ومكانية.
فالزمانية للحج خاصة،
أما العمرة فليس لها زمن معين لقوله - تعالى -: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ
وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ
اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ
يأُوْلِي الأَلْبَابِ) وهي ثلاثةٌ شوال وذو القعدة وذو الحجة.
وأما المكانية فهي خمسة،
وقّتها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ففي الصحيحين من حديث ابن عباس -
رضي الله عنهما - قال: "وقّت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لأهل
المدينة النبوية - شرفها الله - ذا الحُليفة، ولأهل الشام الجُحفة، ولأهل
نجد قَرن المنازل، ولأهل اليمن يَلَملَم، فهنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهنَّ من
غير أهلهنَّ، لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهنَّ فمَهِلُّه من
أهلِه، وكذلك حتى أهل مكة - حرسها الله - يُهِلُّون منها".
وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقَّت لأهل العراق ذات عِرْق. (رواه أبو داود والنسائي).
فالأول: ذو الحليفة، ويسمى "أبيار علي"، وهو ميقات أهل المدينة النبوية - شرفها الله - ومن مرَّ به من غيرهم.
الثاني: الجحفة، وهي قرية قديمة، وقد خربت فصار الناس يُحرمون من رابغ، وهي ميقات أهل الشام ومن مر بها من غيرهم.
الثالث: قرن المنازل، ويسمى "السيل"، وهو ميقات أهل نجد ومن مر به من غيرهم.
الرابع: يلملم، وهو جبل
أو مكان بتهامة، بينه وبين مكة - حرسها الله - نحو مرحلتين، ويسمى
"السعدية" وهو ميقات أهل اليمن ومن مر به من غيرهم.
الخامس: ذات عرق، ويسمى عند أهل نجد "الضريبة" (4)، وهي لأهل العراق ومن مر بها من غيرهم.
وَمَن كان أقربَ إلى مكة -
حرسها الله - من هذه المواقيت فميقاته مكانه فَيُحرم منه، حتى أهل مكة -
حرسها الله - يحرِمون من مكة - حرسها الله -، إلا في العمرة فيحرم من كان
في الحَرَم من أدنى الحلِّ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعبد
الرحمن بن أبي بكر: ((اخْرُج بأُختِك - يعني عائشة لما طلبت منه العمرة -
من الحَرَم فَلتُهِل بعمرة)) (متفق عليه).
ومن كان طريقه يميناً أو
شمالاً من هذه المواقيت فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إليه، فإن لم
يُحاذِ ميقاتاً مثل أهل سواكنَ في السودان ومن يمر من طريقهم فإنهم يحرمون
من جدَّة.
ولا يجوز لمن مر بهذه
المواقيت وهو يريد الحج أو العمرة أن يتجاوزها إلا مُحرماً، أو يرجع
لأحدها، قال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز: "من جاوز الميقات بلا إحرام
وجب عليه الرجوع، فإن لم يرجع فعليه دم وهو سُبع بقرة، أو سُبع بدنة، أو
رأس من الغنم يجزئ في الأضحية إذا كان حين مر على الميقات ناويا الحج أو
العمرة لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - الثابت في الصحيحين".
وقال الشيخ محمد الأمين
الشنقيطي: "من جاوز الميقات ثم عاد قبل الإحرام فلا شيء عليه، فإن عاد
محرماً فعليه دمٌ؛ لأنه أحرم بعد الميقات"، وعلى هذا فإذا كان في الطائرة
وهو يُريد الحج أو العمرة، وجب عليه الإحرام إذا حاذى الميقات من فوقه،
فيتأهب ويلبس ثياب الإحرام قبل محاذاة الميقات، فإذا حاذاه عقد نية
الإحرام فوراً، فإن لم يستطع لبس الإحرام تخلص من أكبر قدر من الثياب
ويكمل الباقي متى ما استطاع، وهل عليه دم أم لا؟ فيه خلاف، والأقرب أنه
إذا لم يفرط فلا شيء عليه، وإلا فعليه دم لعموم قول ابن عباس - رضي الله
عنهما – "من نسي واجبا أو تركه فليهرق دما".
ولا يجوز له تأخيره إلى
الهبوط في جدَّة لغير عذر؛ لأن ذلك من تعدي حدود الله - تعالى -، وقد قال -
سبحانه -: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)،
(وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)،
(وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ
نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
ومن مَرَّ بالمواقيت وهو
لا يريد حَجًّا ولا عمرة، ثم بدا له بعد ذلك أن يعتمر أو يحج فإنه يُحرم
من المكان الذي عزم فيه على ذلك؛ لأن في الصحيحين من حديث ابن عباس - رضي
الله عنهما - في ذكر المواقيت قال: ((ومن كان دون ذلك فَمِن حيث أنشأ))،
وإذا مرَّ بهذه المواقيت وهو لا يريد الحج ولا العمرة وإنما يريد مكة -
حرسها الله - لغرض آخر كطلب علم، أو زيارة قريب، أو علاج مرض، أو تجارة أو
نحو ذلك فإنه لا يجب عليه الإحرام إذا كان قد أدى الفريضة(5)، لحديث ابن
عباس السابق وفيه: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد
الحج والعمرة))، فإن مفهومه أن من لا يريدهما لا يجب عليه الإحرام.
وإرادة الحج والعمرة غير
واجبة على من أدى فريضتهما، وهما لا يجبان في العُمرِ إلا مرة واحدة، لقول
النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سُئل هل يجب الحج كل عام؟ قال: ((الحج
مرة فما زاد فهو تطوع)).
والعمرة كالحج لا تجب إلا مرة في العمر.
لكن الأولى لمن مر
بالميقات أن لا يدع الإحرام بعمرة أو حج إن كان في أشهرهِ، وإن كان قد أدى
الفريضة ليحصل له بذلك الأجر العظيم لقوله - صلى الله عليه وسلم –
((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا
الجنة)).
أنواع الأنساك ثلاثة:
الأول: التمتع
بالعمرة إلى الحج، وهو أن يُحرم في أشهر الحج بالعمرة وحدها، ثم يفرغ
منها بطواف وسعي وتقصير، ويحل من إحرامه، ثم يحرم بالحج في وقته من ذلك
العام، بشرط ألا يرجع إلى أهله فإن رجع انقطع التمتع ثم عليه طواف وسعي
آخر.
الثاني:
القران، وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً، أو يُحرم بالعمرة أولاً، ثم
يُدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها فإذا وصل إلى مكة - حرسها الله -
طاف طواف القدوم، وسعى بين الصفا والمروة للعمرة والحج سعياً واحداً، ثم
استمرَّ على إحرامه حتى يُحل منه يوم العيد.
ويجوز أن يؤخر السعي عن
طواف القدوم إلى ما بعد طواف الحج، لا سيما إذا كان وصوله إلى مكة - حرسها
الله – متأخراً، وخاف فوات الحج إذا اشتغل بالسعي.
الثالث:
الإفراد، وهو أن يُحرم بالحج مفرداً، فإذا وصل مكة - حرسها الله - طاف
طواف القدوم إن أراد، وسعى للحج، واستمر على إحرامه حتى يحل منه يوم
العيد، ويجوز أن يؤخر السعي إلى ما بعد طواف الحج كالقارن.
وبهذا تبين أن عمل المُفرد والقارن سواء، إلا أن القارن عليه الهديُ لحصول النُّسُكين له دون المفرد.
هذا وقد يُحرم الحاج
بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج، ثم لا يتمكن من إتمامها قبل الوقوف بعرفة،
ففي هذه الحال يدخل الحج على العمرة قبل الشروع في طوافها ويصير قارناً،
ولذلك مثالان:
المثال الأول: امرأةٌ
أحرمت بالعمرة متمتعة بها إلى الحج، فحاضت أو نَفِست قبل أن تطوف، ولم
تَطهر قبل وقت الوقوف بعرفة، فإنها تُحرم بالحج وتصير قارنة، وتفعل ما
يفعله الحاج، غير أنها لا تطوف بالبيت، ولا تسعى بين الصفا والمروة حتى
تطهر وتغتسل.
المثال الثاني: شخص أحرم
بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج، فلم يتمكن من الدخول إلى مكة - حرسها الله -
قبل وقت الوقوف بعرفة، فإنه يُدخِلُ الحج على العمرة ويصير قارناً
لتعذُّر إكمال العمرة منه.
أفضل الأنساك:
اختلف أهل العلم في أفضل
الأنساك، فذهب ابن عباس - رضي الله عنهما - وابن القيم، ومن المعاصرين
الألباني - رحمهما الله - إلى وجوب التمتع، والصحيح خلافه، وذهب الحنابلة
إلى أن التمتع أفضل، والحنفية أن القران أفضل، والمالكية والشافعية أن
الإفراد أفضل.
وقد رجح شيخ الإسلام قولا
لطيفا جمع فيه بين الأقوال المروية عن أهل العلم فقال: "فالتحقيق في ذلك
أنه يتنوع باختلاف حال الحاج فإن كان يسافر سفرة للعمرة وللحج سفرة أخرى،
أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج و يعتمر و يقيم بها حتى يحج، فهذا الإفراد
له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة، وأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس، وهو
أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة، ويقدم مكة في أشهر الحج فهذا إن
ساق الهدي فالقران أفضل له، و إن لم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة
أفضل"(6).
وذهب سماحة الشيخ محمد
الأمين الشنقيطي: للقول بأن الإفراد أفضل بأدلة وقد قال: "هذا فعل الخلفاء
الراشدين الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - فقد حجوا بالناس
مفردين، ومدة هؤلاء الخلفاء حول أربع وعشرين سنة، وهم يحجون بالناس
مفردين، ولو لم يكن الإفراد أفضل من غيره لما واظبوا عليه هذه المدة
الطويلة"(7)، وقال بنحو قوله النووي(8) والقول بأن الإفراد أفضل قول قوي
جدا.
فيما يجب به الهدي من الأنساك، وما صفة الهدي:
1. لا يجب الهدي على
المتمتع والقارن إلا بشرط أن لا يكونا من حاضري المسجد الحرام، أي: لا
يكونا من سكان مكة - حرسها الله - أو الحرم، فإن كانوا من سكان مكة -
حرسها الله - أو الحرم فلا هدي عليهم لقوله - تعالى -: (ذَلِكَ لِمَن
لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ
اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
ويلزم الهدي أهل جدّة إذا أحرموا بتمتع أو قِران؛ لأنهم ليسوا من حاضري المسجد الحرام.
ومَن كان مِن سُكان مكة -
حرسها الله - ثم سافر إلى غيرها لطلب علم أو غيره، ثم رجع إليها متمتعاً
أو قارناً فلا هدي عليه؛ لأن العبرة بمحل إقامته ومسكنه وهو مكة - حرسها
الله -.
أما إذا كان من أهل مكة -
حرسها الله - ولكن انتقل للسكنى في غيرها، ثم رجع إليها متمتعاً أو
قارناً فإنه يلزمه الهدي؛ لأنه حينئذ ليس من حاضري المسجد الحرام.
ومتى عَدِمَ المتمتع
والقارن الهدي أو ثمنه بحيث لا يكونُ معه من المال إلا ما يحتاجه لنفقته
ورجوعه فإنه يسقط عنه الهدي، قال الشيخ الشنقيطي: "اعلم أن العاجز عن
الهدي ينتقل للصوم ولو كان غنياً في بلده، هذا هو الظاهر"، ويلزمه الصوم؛
لقوله - تعالى -: (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ
أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ
كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ).
قال سماحة الشيخ محمد
الأمين: "قد يترجح عند النظار عدم صوم أيام التشريق للمتمتع - الذي لم يجد
الهدي - من وجهين: الأول: أن عدم صومها مرفوع رفعاً صريحاً، وصومها موقوف
لفظاً ومرفوع حكماً على المشهور، والمرفوع صريحاً أولى بالتقديم من
المرفوع حكماً. الآخر: أن الجواز والنهي إذا تعارضا قدم النهي".
ويجوز أن يصومها قبل ذلك،
بعد الإحرام بالعمرة إذا كان يعرف من نفسه أنه لا يستطيع الهدي؛ لقول
النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة))،
فمن صام الثلاثة في العمرة فقد صامها في الحج.
ويجوز أن يصوم هذه
الثلاثة متوالية ومتفرقة، ولكن لا يؤخرها عن أيام التشريق فإن فعل قضاها،
وأما السبعة الباقية فيصومها إذا رجع إلى أهله إن شاء متوالية، وإن شاء
متفرقة؛ لأن الله - سبحانه - أوجبها ولم يشرط أنها متتابعة.
قال سماحة الشيخ محمد
الأمين: الأظهر عندي أن من بدأ في صوم الثلاثة ثم وجد الهدي أنه لا يلزمه
الرجوع للهدي؛ لأنه دخل في الصوم بوجه جائز، وينبغي له أن ينتقل إلى
الهدي.
نوع الهدي:
هو من الإبل أو البقر أو
الغنم الضأن والمعز لقوله - تعالى -: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا
مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ
الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ
الْمُخْبِتِينَ).
وبهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم.
وتجزئ الواحدة من الغنم في الهدي عن شخص واحد.
وتُجزئ الواحدة من الإبل
أو البقر عن سبعة أشخاص لحديث جابر - رضي الله عنه - قال: "أَمَرَنا رسول
الله – صلى الله عليه وسلم - أن نشتركَ في الإبل والبقر، كلُّ سبعةٍ منا
في بَدَنة" (متفق عليه).
وأما ما يجبُ أن يتوافر فيه:
فيجب أن يتوافر فيه شيئان:
1 - بلوغ السن الواجب وهو
خمس سنين في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة في المعز، وستة أشهر في الضأن،
فما دون ذلك لا يُجزئ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تذبحوا
إلا مُسنة، إلا أن يَعسر عليكم، فتذبحوا جذعةً من الضأن)) (رواه الجماعةُ
إلا البخاري).
2 - السلامة من العيوب الأربعة التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باتقائها وهي:
- العوراء البيِّن عورها، والعمياء أشد فلا تُجزئ.
- المريضة البيِّن مرضها بجرب أو غيره.
- العرجاء البيِّن ضلعها، والزمنى التي لا تمشي، ومقطوعة إحدى القوائم أشدُّ.
- الهزيلة التي لا مُخَّ فيها.
لما روى مالك في الموطأ
عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
سُئل: ماذا يُتقى من الضحايا، فأشار بيده وقال: أربعاً، وكان البراء
يُشيُر بيده ويقولُ: يدي أقصر من يد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
((العرجاء البيِّن ضلعها، والعوراء البيِّن عَورها، والمريضة البيِّن
مرضها، والعجفاء التي لا تُنقي)).
فأما العيوب التي دون ذلك كعيب الأذن والقرن فإنها تُكره، ولا تمنع الإجزاء على القولِ الراجح.
وأما ما ينبغي أن يتوافر
في الهدي، فينبغي أن يتوافر فيه السمن والقوة وكبر الجسم وجمال المنظر،
فكلما كان أطيب فهو أحب إلى الله - عز وجل -، و((إن الله طيب لا يقبل إلا
طيباً)).
وأما مكان ذبح الهدي: ففي
منى، ويجوز في مكة - حرسها الله - وفي بقية الحرَم، لقول النبي - صلى
الله عليه وسلم -: ((كل فجاج مكة منحرٌ وطريقٌ)) (رواه أبو داود).
وقال الشافعي - رحمه الله -: الحرَم كله منحر؛ حيث نحر منه أجزأه في الحج والعمرة.
وعلى هذا فإذا كان ذبحُ
الهدي بمكة - حرسها الله - أَفيد وأنفع للفقراء فإنه يذبح في مكة - حرسها
الله -، إما في يوم العيد، أو في الأيام الثلاثة بعده.
ومَنْ ذبح الهدي خارج حدود الحرم في عرفة أو غيرها من الحِلِّ لم يُجزِئه على المشهور.
وأما وقت الذبح:
فهو يوم العيد إذا مضى قدر فعل الصلاة بعد ارتفاع الشمس قدرَ رُمحٍ إلى
آخرِ أيام التشريق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر هديه ضحى يوم
العيد، ويُروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((كل أيام التشريق
ذبح)).
فلا يجوز تقديم ذبح هدي
التمتع والقران على يوم العيد ومن ذبح قبله فلا يجزئ؛ لأن النبي - صلى
الله عليه وسلم - لم يذبح قبل يوم العيد وقال: ((خُذوا عني مناسككم))،
وكذلك لا يجوز تأخير الذبح عن أيام التشريق لخروج ذلك عن أيام النحر،
ويجوز الذبح في هذه الأيام الأربعة ليلاً ونهاراً، ولكن النهار أفضل ويوم
العيد أفضل وهكذا.
وأما كيفية توزيع الهدي:
فقد قال الله - تعالى -: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ
الْفَقِيرَ)، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته من كل بدنة
بقطعة، فجُمعت في قدر فطبخت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها. (رواه مسلم).
فالسنة أن يأكل من هديه ويُطعم منه غيره، ومال سماحة الشيخ محمد بن
إبراهيم - رحمه الله - إلى وجوب الأكل منه، وصرح به الشيخ محمد الأمين
الشنقيطي - رحمه الله -، ولا يجزئ أن يذبح الهدي، ويرمي به بدون أن يتصدق
منه وينتفع به، ولا يحصل به الإطعام الذي أمر الله به، إلا أن يكونَ
الفقراء حوله فيذبحه ثم يُسلمه لهم، فحينئذ يبرأ منه.
في محظورات الإحرام:
1. ما لا يجب فيها شيء:
• عقد النكاح، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب)) (رواه مسلم).
فلا يجوز للمُحرم أن
يتزوج امرأةً، ولا أن يعقدَ لها النكاحَ بولايةٍ ولا بوكالةٍ، ولا يخطبُ
امرأةً حتى يُحِلَّ من إحرامه، ولا تُزوَّج المرأةُ وهي محرمةٌ، وعقدُ
النكاح حالَ الإحرام فاسدٌ غير صحيح، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((مَن عمل عملاً ليس عليه أمُرنا فهو رد)).
2. ما يجب فيها المثل:
• الصيد، قتل الصيد،
والصيد: كل حيوان برِّي حلال متوحش طبعاً كالظباء والأرانب والحمام، لقوله
- تعالى -: (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا
وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)، وقوله: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن
قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ
النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ
الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ
صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ
عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) فلا
يجوز للمُحْرِم اصطياد الصيد المذكور، ولا قتلُه بمباشرةٍ أو تسبب أو
إعانةٍ على قتلهِ بدلالةٍ أو إشارةٍ أو مناولةِ سلاحٍ أو نحو ذلك.
وأما قطع الشجر فليس
حراماً على المُحرم من أجل الإحرام؛ لأنه لا تأثير للإحرام فيه، وإنما
يَحرمُ على من كان داخل حدود الحرَمِ سواء أكان محرِماً أم غيرَ محرم،
وعلى هذا يجوز قطع الشجر في عرفة للمُحرِم وغير المُحرِم، ويحرَّم في
مزدلفة ومنى على المحرم وغير المحرم؛ لأن عرفة خارجُ حدودِ الحرم، ومزدلفة
ومنى داخل حدودِ الحرمِ.
3. ما يجب فيها بدنة:
• الجماع: وهو إيلاج
الحشفة أو مقدارها في فرج أصلي في قبل أو دبر من إنسان أو حيوان أو جني
عند من يقول بإمكانية ذلك(9)، فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ
رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ
خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ
التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ).
والرفث الجماع ومقدماته، والجماع أشد محظورات الإحرام تأثيراً على الحج وله حالان:
الحال الأولى: أن يكون قبلَ التحللِ الأول فيترتب عليه شيئان:
أ - وجوب الفدية، وهي بَدنَة أو بقرة تُجزئ في الأضحية، يذبحها ويُفرقها كلها على الفقراء، ولا يأكل منها شيئاً.
ب - فساد الحج الذي حصل فيه الجماع، لكن يلزم إتمامه وقضاؤه من السنة القادمة بدون تأخير.
قال مالك في الموطأ:
بلغني أن عمر وعلياً وأبا هريرة سُئلوا عن رجلٍ أصاب أهله وهو مُحرم؟
فقالوا: يَنفذان لوجههما حتى يقضيا حَجهما، ثم عليهما حجٌّ قابل والهدي.
قال: وقال عليٌّ: وإذا أهلا بالحج من عامٍ قابلٍ تفرقا حتى يقضيا حَجَّهما.
ولا يفسدُ النُّسُكُ في باقي المحظورات.
الحال الثانية: أن
يكونَ الجماع بعد التحلل الأول، أي بعد رمي جمرةِ العقبة والحلق، وقبل
طواف الإفاضة، فالحج صحيح، لكن يلزمه شيئان على المشهور من المذهب:
أ - فديةٌ شاة يذبحها ويُفرقها جميعاً على الفقراء، ولا يأكل منها شيئاً.
ب - أن يخرج إلى الحل، أي: إلى ما وراء حدود الحرم فَيُجدد إحرامه، ويلبس إزراً ورداءً ليطوف للإفاضة مُحرماً.
4. ما يجب فيها دم على التخيير:
من فعل شيئا منها فيخير
بين ذبح شاة والذبح والتوزيع في الحرم، ولا يأكل منها شيئا، أو إطعام ستة
مساكين توزع في الحرم، أو صوم ثلاثة أيام في أي مكان.
وهي:
• تغطية رأس الرجل
بملاصق، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في المُحرِم الذي وقصته راحلته
بعرفة: ((اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تُخَمِّروا رأسَه)) –
أي: لا تُغطوه – (متفق عليه).
فلا يجوز للرجل أن يُغطي
رأسَه بما يلاصقه كالعمامة والقُبع والطاقية والغُترة ونحوها، فأما غير
الملاصق كالشمسية وسقف السيارة والخيمة ونحوها فلا بأسَ به لقول أم حصين -
رضي الله عنها -: حجَجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع
فرأيته حين رمى جمرة العقبة، وانصرف وهو على راحلته ومعه بلالٌ وأسامة
أحدُهما يقود راحلته، والآخر رافعٌ ثوبه على رأس النبي - صلى الله عليه
وسلم - يُظلله من الشمس. (رواه مسلم).
ولا بأس أن يحمل متاعه
على رأسه وإن تغطى بعض الرأس لأن ذلك لا يُقصد به الستر غالباً، ولا بأسَ
أن يغوص في الماء ولو تغطى رأسه بالماء.
• مس الطيب: قال رسول
الله – صلى الله عليه وسلم - في المُحرم الذي وقَصَتْهُ راحلته وهو واقف
بعرفة: ((لا تُقربوه طيباً)) وعلل ذلك بكونه يُبعث يوم القيامة مُلبياً،
والحديث صحيح. فدل هذا على أن المُحرِم ممنوع من قُربان الطيب.
ولا يجوز للمحرم شمُّ
الطيب عمداً إلا إن كان يريد شراء طيب فلا مانع والعبرة بالنيات، ولا
يستعمل الصابون المُمَسك إذا ظهرت فيه رائحة الطيب، ويجوز استعمال
الشانمبو والصابون والدهون ذوات الروائح الكيماوية، وأما الطيب الذي تطيب
به قبل إحرامه فلا يضُرُّ بقاؤه - سواء على جسده أو على إحرامه بعد
الإحرام - لقول عائشة - رضي الله عنها -: "كنت أنظرُ إلى وبيص المسك في
مفارق رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وهو مُحرم" (متفق عليه).
• لبس ما خيط على هيئة
عضو للرجل وهو أن يلبس ما يلبس عادةً على الهيئة المُعتادة، سواء كان
شاملاً للجسم كله، كالبرنس والقميص، أو لجزء منه كالسراويل والفنايل
والخفاف والجوارب وشراب اليدين والرجلين، لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل: ما يلبس المُحرِم من الثياب؟ قال:
((لا يلبسُ القميص ولا العمامة ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف ولا
ثوباً مسَّه زعفرانٌ ولا ورس)) (متفق عليه).
وإن لم يجد الإزار يلبس
السراويل ولا يقطعهما، وكذا إن لم يجد النعال يلبس الخفاف ولا يقطعهما
أيضاً؛ لأن الأمر بالقطع منسوخ كما رجحه شيخ الإسلام.
• تقليم الأظافر: يجوز تقليم الظفر المكسور؛ لأنه يؤذي.
• مباشرة الزوجة لشهوةٍ
بتقبيل أو لمسٍّ أو ضمٍّ أو نحوه لقوله - تعالى -: (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ
الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا
تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ
الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)، ويدخل في
الرّفث مقدمات الجماع كالتقبيل والغمز والمُداعبة لشهوة.
فلا يحل للمحرم أن يُقبِّل زوجَته لشهوة، أو يمسها لشهوة، أو يغمزها لشهوة، أو يداعبها لشهوة.
ولا يحلُّ لها أن تمكنه من ذلك وهي مُحرمة، وإن أنزل أحدهما فدى.
• قص الشعر: قال - تعالى
-: (وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ
فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ
مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن
تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ
إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ
أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ
وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، وألحق جمهور أهل العلم -
رحمهم الله تعالى - شعرَ بقية الجسم بشعر الرأس، وعلى هذا فلا يجوز
للمحرمِ أن يُزيل أي شعر كان من بدنه.
وقد بيَّن الله - سبحانه
وتعالى - فدية حلق الرأس بقوله: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ
أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ
فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ
أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ
كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ).
وأوضح النبي - صلى الله
عليه وسلم - أن الصيام مقداره ثلاثة أيام، وأن الصدقة مقدارُها ثلاثة آصع
من الطعام لستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، وأن النسك شاة، والمراد شاة
تبلغ السن المعتبر في الهدي، وتكونُ سليمة من العيوب المانعة من الإجراء.
وقد أجاز شيخ الإسلام
الأخذ من الشعر لمن أراد الحجامة لما صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
احتجم وهو محرم، ولا تتم الحجامة إلا بالأخذ من الشعر.
وكل هذه الكفارات فيمن
تعمد فعلها، أما من أخطأ فلا، قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: "الصحيح أن
من فعل محظورا ناسيا فلا فدية عليه، ولو كان إزالة شعر أو ظفر بل لو كان
صيدا؛ لقوله - تعالى -: (وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً) وليس في
ذلك إتلاف حق آدمي حتى يقال: الإتلاف يستوي فيه المتعمد وغيره، وإنما ذلك
في أموال الآدميين ونفوسهم، وأما حقوق الله فإنه يترتب على الإثم"(10).
وقال الشيخ محمد بن عثيمين: "وإذا فعل المُحرم شيئاً من المحظورات السابقة من الجماع أو قتلِ الصيد أو غيرهما فله ثلاث حالاتٍ:
الأولى: أن يكون ناسياً
أو جاهلاً أو مُكرَهاً أو نائماً، فلا شيء عليه، لا إثم ولا فدية ولا فساد
نسك، لقوله - تعالى -: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ
أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ
عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ
طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ
مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، وقوله: (وَلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ
قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)، وقوله: (مَن كَفَرَ
بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ
مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا
فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
فإذا انتفى حُكم الكفر عمن أُكره عليه، فما دونه من الذنوب أولى.
وهذه نصوصٌ عامةٌ في محظورات الإحرام وغيرها، تفيدُ رفع الحكم عمن كان معذوراً بها.
وقال الله - تعالى - في
خُصوص المحظورات في الصيد: (وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء
مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ
هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو
عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا
سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو
انْتِقَامٍ)، فقيَّد وجوب الجزاء بكون القاتل متعمداً، والتعمدُ وصفٌ
مناسب للعقوبة والضمان، فوجب اعتباره وتعليق الحكم به، وإن لم يكن متعمداً
فلا جزاء عليه ولا إثم، لكن متى زال العذر فعلم الجاهل، وذكر الناسي،
واستيقظ النائم، وزال الإكراه وجب عليه التخلي عن المحظور فوراً.
فإن استمر عليه مع زوال العذر كان آثماً، وعليه ما يترتب على فعله من الفدية وغيرها.
مثال ذلك: أن يُغطي
المُحرمُ رأسه وهو نائم، فلا شيء عليه ما دام نائماً، فإذا استيقظ لزمه
كشف رأسه فوراً، فإن استمر في تغطيته مع علمه بوجوب كشفه كان آثما، وعليه
ما يترتب على ذلك.
الثانية: أن يفعل المحظور
عمداً لكن لِعُذرٍ يبيحُه، فعليه ما يترتب على فعل المحظور ولا إثم عليه
لقوله – تعالى -: (وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ
الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن
رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا
أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ
أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ
كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ).
الثالثة: أن يفعل المحظور عَمداً بلا عُذرٍ يبيحه، فعليه ما يترتب على فعله مع الإثم.
في صفة العمرة:
العمرةُ: إحرامٌ وطوافٌ وسعيٌ وحلقٌ أو تقصيرٌ.
فأما الإحرامُ فهو نية
الدخول في النسك والتلبس به، والسنة لمريده أن يغتسل كما يغتسل للجنابة،
ويتطيب بأطيب ما يجد في رأسه ولحيته بدهن عودٍ أو غيره، ولا يضرهُ بقاؤه
بعد الإحرامِ لما في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان
النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يُحرم تطيب بأطيب ما يجد، ثم
أرى وبيص المسكِ في رأسِه ولحيته بعد ذلك.
والاغتسال عند الإحرام
سُنَّةٌ في حق الرجال والنساء، حتى المرأة الحائض والنفساء؛ لأن النبي -
صلى الله عليه وسلم - أمر أسماء بنت عُميس حين ولدت محمد بن أبي بكر في ذي
الحليفة في حَجَّة الوداع أمرها فقال: ((اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي))
(رواه مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه -).
ومتى ما انتهى من لبس
الإحرام يعين إحرامه، فإن أراد التمتع قال: لبيك عمرة متمتع بها إلى الحج،
وإن أراد القران قال: لبيك عمرة وحجا، وإن أراد الإفراد قال لبيك حجا.
ويجوز أن يشترط بقوله:
"إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" وليس هو بسنة؛ فإن اشترط فله ما اشترط
على ربه - جل وعلا -، والنساء خاصة تعرض لهن العوارض الكثيرة خاصة مع
ضعفهن في هذه الأزمنة فلو اشترطت المرأة فهو أحسن.
ثم يلبي بقوله: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
هذه تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم -، وربما زاد: لبيك إله الحق لبيك.
والسنة للرجال رفع الصوت
بالتلبية لحديث السائب ابن خلاد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله
عليه وسلم - قال: ((أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يَرفعوا أصواتهم
بالإهلال والتلبية)) (أخرجه الخمسة).
ولأن رفع الصوت بها إظهارٌ لشعائر الله وإعلانٌ بالتوحيد.
وأما المرأة فلا ترفع صوتها بالتلبية ولا غيرها من الذكر؛ لأن المطلوب في حقها التستر وتسمع من حولها من النساء.
في صفة الحج:
الإحرامُ بالحجِّ: إذا
كان ضُحى يومِ التروية - وهو اليومُ الثامنُ من ذي الحجة - أحرم من يريد
الحجَّ بالحجِّ من مكانه الذي هو نازلٌ فيه.
ولا يُسَنُّ أن يذهبَ إلى
المسجد الحرام أو غيره من المساجد فَيُحرم منه؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي -
صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أصحابه فيما نعلم.
ففي الصحيحين من حديث
جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: ((أقيموا
حلالاً حتى إذا كان يومُ التروية فأهلوا بالحج...)) الحديث.
ولمسلمٍ عنه - رضي الله
عنه - قال: "أمرنا رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم - لما أحللنا أن
نُحرِم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح"، وإنما أهلوا من الأبطح؛
لأنه مكان نزولهم.
ويفعل عند إحرامه بالحج
كما فعل عند إحرامه بالعمرة، فيغتسل ويتطيب ويصلي سنة الوضوء، ويُهل بالحج
بعدها، وصفة الإهلال والتلبية بالحج كصفتهما في العمرة، إلا أنه في الحج
يقول: لبيك حجاً، بدل: لبيك عمرة، ويشترطُ: أن مَحلِّي حيث حبستني، إن كان
خائفاً من عائق يمنعه من إتمام نسكه، وإلا فلا يشترط.
الخروج إلى منى:
ثم يخرج إلى منى فيُصلي
بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً من غير جمع؛ لأن النبي -
صلى الله عليه وسلم - فعل كذلك، وهذا سنة ولا يجب.
وفي صحيح البخاري من حديث
عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: "صلى رسول – صلى الله عليه وسلم
- بمنى ركعتين، وأبو بكر، وعمر، وعثمان صَدْراً من خلافته، ولم يكن - صلى
الله عليه وسلم - يجمع في منى بين الصلاتين في الظهر والعصر، أو المغرب
والعشاء"، ولو فعل ذلك لنُقلَ كما نُقل جمعه في عرفة ومزدلفة.
ويقصر أهل مكة - حرسها
الله - وغيرهم بمنى وعرفة ومزدلفة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان
يُصلي بالناس في حجة الوداع في هذه المشاعر ومعه أهل مكة - حرسها الله -،
ولم يأمرهم بالإتمام، ولو كان الإتمام واجباً عليهم لأمرهم به كما أمرهم
به عام الفتح حين قال لهم: ((أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر)) وهو اختيار
شيخ الإسلام ابن تيمية والشنقيطي وغيرهم، ولكن هل القصر للنسك أو للسفر؟
فيه خلاف، والصحيح أنه للنسك فيقصر حتى أهل العوالي اللذين هم بقرب منى.
الوقوف بعرفة:
فإذا طلعت الشمس من اليوم
التاسع سارَ من منى إلى عرفة فنزل بنَمِرَة إلى الزوال إن تَيسر له، وإلا
فلا حرج عليه؛ لأن النزول بنمرة سنةٌ ل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
افتراضي تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إتحاف النظر في أحكام صلاة السفر
» من أحكام النساء في الحج
» موسوعه دليل مناسك الحج والعمرة إلى أن يأتى موسم الحج اللهم أرزقنا حج بيتك الحرام
» ثمانون مسألة في أحكام الأضحية
» ۩۞۩ ۞ تحديد سن المحرم للمرأة في السفر ۩۞۩ ۞

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: رحله الى الجزيره الاسلاميه :: شاطىء الحج والعمرة-
انتقل الى:  
اجمل الصفحات الاسلاميه على الفيس بوك
ينصح باستخدام متصفح الفايرفوكس

 افتراضي  تهذيب أحكام الحج في السفر وشيء من آدابه...   Uouso_11

غير مسجل
لحظة من فضلك
هذا الموقع وقف لله تعالى ...... نسأل الله عز وجل ان يجعله خالص الوجهه الكرى حقوق النسخ محفوظه لكل مسلم هذا الموقع لا ينتمي إلى أي جهة سياسية ولا يتبع أي طائفة معينة إنما هو موقع مستقل يهدف إلى الدعوة في سبيل الله وجميع ما يحتويه متاح للمسلمين على شرط عدم الإستعمال التجاري وفي حالة النقل أو النسخ أو الطبع يرجى ذكر المصدر ملاحظة :كل مايكتب فى هزا المنتدى لا يعبر عن راى ادارة الموقع او الاعضاء بل يعبر عن راي كاتبه فقط

معلومات عنك ايها العضو

IP

تلاوات 2
FacebookTwitter